السبت، 18 مارس 2023

الشرق الأوسط وحلول الفرصة الأخيرة "الصفرية"

بقلم:  الدكتور زاحم محمد الشهيلي

تشير الاحداث السياسية والاقتصادية العالمية المتسارعة، المتعلقة بتراجع السوق النفطية وانكماش النمو الاقتصادي العالمي، ويؤكد خبراء الاقتصاد والباحثون في الشأن السياسي والاقتصادي المحلي والدولي ايضاً، بان نتائج ازمة "جائحة كورونا" و"الحرب في أوكرانيا" ستأتي على نظم العولمة التي تتحكم بنمو الاقتصاد العالمي وحركة رأس المال، وستنتج نظاماً عالمياً جديداً يتلائم وكيفية رسم المستقبل السياسي والاقتصادي للمرحلة المقبلة المعبأة بآلام ومشاكل وأزمات المرحلة السابقة، وسوف لن يخرج النظام العالمي الجديد عن قيادة أمريكا او الصين أو القيادة الموحدة للاثنين معاً.

وهذا الامر سيمنح دول العالم الثالث في الشرق الاوسط - خاصة الدول العربية والإسلامية - فرصة التعافي المريح البعيد عن الصخب، والتي ربما ستكون الفرصة الاخيرة لها لإيجاد حلول "صفرية" لانتعاشها السياسي والاقتصادي والأمني من خلال استغلال نتائج تلك الازمات بشكل ذكي وصحيح بعيداً عن التشنج والكراهية والتبعية.

ان الحل الأمثل لخروج دول الشرق الأوسط الاسلامية من أزمة الثقة والصراعات فيما بينها، والتدخلات الخارجية التي خلقت هذا الواقع المرير في المنطقة، ومعالجة أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية، التي قد تكون خانقة جداً في المستقبل، والذي يعد أحد حلول الفرصة الأخيرة "الصفرية"، ان تستغل تلك الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط فرصة أزمة "جائحة كورونا"، وانشغال الغرب في حرب أوكرانيا لتركيع روسيا، وما ستخلفه من أزمات سياسية واقتصادية ستعصف بالعالم، نتيجة الركود والانكماش الاقتصادي للدول الصناعية مثل دول اوربا وأمريكا والصين وروسيا.

لتبدأ الدول الشرق اوسطية بسحب نفسها تدريجياً من التبعية السياسية والاقتصادية العالمية المقيتة، التي وضعت نفسها بها لسنين طويلة، لتُنشأ لنفسها تدريجياً كياناً سياسياً واقتصادياً وأمنياً مستقلاً يكون له ثقله العالمي المميز على الساحة الدولية في المستقبل.

أن من أهم متطلبات تنفيذ هذه الخطوة قيام الدول المعنية بإطلاق مبادرات سلام حقيقية تتبع التقارب السياسي السعودي - الايراني والمصري - التركي، الذي بدأت بوادره تلوح في الافق الشرقية من الكرة الارضية، وإرسال رسائل اطمأنان فيما بينها، مفادها نبذ الارهاب والعنف والتطرف الديني والعرقي والمذهبي بكافة أشكاله، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتخلي عن الأطماع التاريخية التوسعية، وإبداء الرغبة الصادقة للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني المشترك الذي يلبي رغبات وطموحات ومصالح شعوب دول منطقة الشرق الأوسط.

وان تدعوا الدول المعنية بأمانة وتجرد وإرادة حرة إلى انشاء تكتل سياسي واقتصادي وأمني شرق أوسطي تحت مسمى "المجلس الاقتصادي لدول الشرق الاوسط للأمن والأعمار والاستثمار"، تكون نواته الدول العربية الرائدة مثل السعودية وبقية دول الخليج، ومصر، والعراق، والجزائر، وتونس، وليبيا، والمغرب، والأردن، اضافة إلى تركيا وإيران وباكستان.

بحيث تكون من اهم أولويات هذا التكتل العمل على استتباب الامن في المنطقة ودعم التنمية الاقتصادية والبشرية والتكامل الاقتصادي من خلال تنفيذ مشاريع الأعمار والاستثمار في الدول الاعضاء وبمساعدة الدول الصديقة مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والدول الصناعية التي ليس لديها تاريخ اسود وأطماع استعمارية في المنطقة.

وكذلك إنشاء قاعدة بيانات اقتصاد رقمي لدول المجلس، وصندوق استثماري لمساعدة الدول الفقيرة في الشرق الأوسط مثل سوريا ولبنان وفلسطين والصومال والسودان وأفغانستان، للنهوض بواقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي كشرط لقبول عضويتها في المجلس، الذي سيكون له ثقل إقليمي ودولي جدير باحترام الدول العُظمى، وله ايضاً دور فاعل في حل القضية الفلسطينية بسلام.

اما في حال لم ترغب بعض الدول بمغادرة دوامة العنف والواقع المؤلم الذي تعيشه شعوب الشرق الإسلامية، وأصرت على إدامة واستمرار الصراع والعداء السياسي والفكري غير المبرر فيما بينها، وسارت على نهج تحقيق الاطماع التاريخية غير المبررة قانوناً في التوسع على حساب جيرانها من دول المحيط الإقليمي، استناداً الى مفهوم القوي والضعيف، والكبير والصغير...

فإن النتيجة ستجلب بالتأكيد المزيد من الخراب والدمار والمآسي والتخلف لشعوب المنطقة في الشرق الأوسط، وستبقى الدول خاضعة وخانعة وعرضة للتدخلات والهيمنة الخارجية وأداة طيعة لتنفيذ أجنداتها، وستدفع الشعوب الاسلامية في الشرق الأوسط المغلوبة على أمرها، والتي ارتضت بالواقع المؤلم والمرير مستقبلاً لها ولأجيالها، ثمن تخبط وسوء تخطيط وإدارة انظمتها من سعادتها وتطورها العلمي ورقيها الثقافي والحضاري، في حين تحيى الشعوب الاخرى في بقاع الارض بسلام ورفاهية. 

لقراءة المزيد من مقالات الكاتب اضغط على الرابط الاتي: مجلة معارج الفكر   

هناك 4 تعليقات:

  1. اصبت كثيرا دكتور زاحم المحترم في قراءة المرحلة وفي التحليل والتشخيص والتحذير الذي اشرت اليه في نهاية المقال ،ولكني اميل الى ان الحلول التي طرحتهابحاجة الى رجال دولة يوجد منهم قلة جدا في منطقتنا العربية الاسلامية اي ان النتائج حتما لنتصل في صالح الافراد

    ردحذف
    الردود
    1. ممنون لمروركم العطر والاضافة القيمة ربي يحفظكم

      حذف
  2. السلام عليكم دكتورنا العزيز . قراءة واعية للحاضر ولاستشراف المستقبل المنظور لدول الشرق الاوسط العربية والإسلامية شرط إزاحة عمالة بعض حكوماتها وكفاءة من ينتمون منهم الى اوطانهم وشجاعتهم.

    ردحذف
  3. الله يعزك ويحفظكم ، ممنون جدا لطيب المرور العطر ربي يحفظكم

    ردحذف