بقلم: الدكتور زاحم محمد الشهيلي
إن الوقائع التاريخية تؤكد، وبما لا يقبل الشك، بأن
للغرب تاريخ دموي، ينتج نفسه على مر الزمن، بعيد كل البعد عن الإنسانية وحقوق الإنسان
التي يدعونها، إذ يبدأ في الحروب الصليبية ضد الشرق المسلم، مروراً بحرب الثلاثين
عاماً الأوربية، والحربين العالميتين الأولى والثانية، وصناعة إرهاب القاعدة
وداعش، ناهيك عن قيادة الحروب وإذكاء الصراعات في آسيا الوسطى، وأفريقيا، وتدمير
العراق واليمن وليبيا وسورية والسودان، وإشعال الحرب ودعمها في أوكرانيا بعد تغيير
النظام السياسي فيها، يضاف الى ذلك محارق اليهود في أوربا بسبب العداء التأريخي
بين اليهودية والمسيحية حسب الموروث الغربي، حيث انتهت محاربة اليهود في أوربا
بالمحرقة ابان الحرب العالمية الثانية والعمل على تهجيرهم الى فلسطين، ودعم كيانهم
المسخ، وذلك لعدة أسباب من أهما:
أولاً- السبب الديني:
إن النبوءات المسيحية تؤكد بأن السيد المسيح سيظهر في آخر الزمان ويقتص من قتلته اليهود،
حيث سيتم القضاء عليهم بعد جمعهم في فلسطين، ليس حباً بهم وإنما انتقاماً منهم، وبذلك
ينتصر للمسيحية، حينها تملء الأرض عدلاً وقسطا بعد أن امتلأت جوراً وظلماً، وهذا
هو مبدأ حركات التبشير المسيحية منذ قرونٌ مضت، لذا فإن جمع اليهود ليوم القصاص في
فلسطين أضحى واجباً دينياً مقدساً لكل نظام ديني وسياسي غربي.
ثانيا - السبب السياسي:
إن العداء الغربي - الشرقي الأزلي يحتم على الغرب إيجاد مناطق توتر في الشرق الأوسط
لجعل المنطقة العربية في صراع وعدم إستقرار دائم، حتى لا يفكر العرب مرة أخرى في
عبور الأطلسي كما فعلوا في سالف الزمن، ولذلك كان لقرار إعطاء اليهود وعد بلفور في
فلسطين عام 1917، وإهدائهم ما لا يملكون، وتعاهدهم على دعم هذا الكيان بكل ما أوتوا
من قوة، ليكون منطقة توتر في قلب الأمة العربية، هدفاً سياسياً تمت دراسته بإمعان
في مؤتمر الغرب عام ١٩٠٩.
ثالثا- الجانب الاقتصادي:
إن أغلب الساسة الغربيين يؤمنون حد الثمالة بأن هناك خطأ الهي حدث عند تكوين الكرة
الأرضية، حين أُوجدتْ مصادر الطاقة في الشرق والصناعة في الغرب، فالأجدر، حسب
تصورهم، أن تكون الطاقة والصناعة في القارة الباردة، وعليه لابد من إيجاد أسواق
مستدامة لتصريف البضاعة الأوربية الأغلى (السلاح) في سوق الدول العربية الغنية
بالنفط، أي العمل على تدوير موارد الطاقة الى الغرب، وبذلك لا يسمح للدول العربية
بتبني مشاريع صناعية تنموية منتجة تنافس الصناعة الأوربية، ولهذا السبب لابد من
تدمير الصناعات الناشئة في الشرق العربي من خلال صناعة الحروب والأزمات والتوترات
المحلية والإقليمية، وكما يرى المرء جلياً ويسمع.
لذلك يعد "الكيان الإسرائيلي" القاعدة
الغربية المتقدمة لتدمير الشرق الأوسط، والتوسع على حساب بلدانه المستضعفة، بعد أن
تم تزويد هذا الكيان بالمال والسلاح النووي والغواصات النووية منذ مطلع الستينات
من القرن الماضي من قبل فرنسا والمانيا، الى جانب الدعم السياسي الدولي من قبل صناع
السياسة الغربية كبريطانيا وأمريكا والدول الغربية الأخرى، لذلك يعد الدعم الغربي
المعلن لليهود بمثابة "عداء معلن للعرب"… "الحليف العدو".
ومن الأسباب والتداعيات أيضاً هيمنة القوى الإقتصادية
اليهودية الصهيونية من خلال نفوذ الشركات متعددة الجنسيات على اللوبي الإقتصادي
الغربي، والتحكم بصناعة القرار السياسي للأنظمة السياسية الغربية حسب أهوائهم،
والتي تمثل القوى الخفية لصناعة السياسة الغربية العالمية الداعمة للكيان الصهيوني.
وبهذه الطريقة أضحى اليهود الصهاينة يتحكمون بمصير
الساسة الغرب بعد مصادرة قرارهم السياسي وشخصيتهم القانونية والمعنوية، بحيث بات
اليهود يعينون الرؤساء الموالين لهم بنسبة ٩٩,٩، بعد أن يتم اعدادهم سلفاً كقادة
للأحزاب أو كشخصيات إقتصادية أو سياسية بارزة ، إذ يلاحظ المرء حالياً بأن الأغلب الأعم
من الرؤساء والساسة الغربيين يعملون على عكس إرادة ومصالح شعوبهم، كما هو الحال في
الحرب الأوكرانية التي تسببت بأزمة أقتصادية خانقة لأوربا، وكذلك التردد بالإستثمار
في المنطقة العربية الغنية بالموارد، إرضاءً للوبي الإسرائيلي العالمي، الذي بات
يتحكم بمصير شعوب القارة العجوز والعالم أجمع، وينتهك حقوق الانسان في فلسطين أمام
مرأى ومسمع الجميع وبدعم غربي، ويمزق تقارير الأمم المتحدة على منصتها في أكبر إنتهاك
صارخ لميثاق المنظمة الدولية "العجوز"، وعدم إحترامها من قبل المندوب "الصهيوني".
وبناء على ما تقدم، يجب على الدول العربية والإسلامية أن تعي وتعرف أعداءها، وتبلور إستراتيجيات الدفاع والأمن المشترك، والإستقرار والتنمية المستدامة، بحيث لا تسلم نفسها رهينةً لدى النظام الغربي - الصهيوني ليتم نحرها حيثما يشاء عدوها.
لقراءة المزيد من مقالات الكاتب اضغط على الرابط الآتي: مجلة معارج الفكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق