بقلم: الدكتور زاحم محمد الشهيلي
أخذ العداء الغربي المعلن لمنطقة الشرق الأوسط أوجه
مختلفة في التدمير والتخلف الفكري والعقائدي، سواءً من خلال سلب الإرادات وحقوق الشعوب
في العيش بسلام، واغتصاب الأوطان، كما هو الحال مع الشعب العربي الفلسطيني، أو خلق
صراعات مستدامة في عدد كبير من بلدان المنطقة لا ينطفأ تنورها، أو بالتدمير المباشر بإستخدام
الآلة العسكرية، أو خلق الصراعات والحروب الداخلية القومية والطائفية، وكذلك
العقائدية مثل (القاعدة) و(داعش) الإرهابية، والتي مورس فيها ابشع انواع القتل والحرمان
والظلم والتشريد والقهر الاجتماعي، التي امتدت لسنين عجاف أرهقت الأجيال المتعاقبة
وأفرزت أجيالاً معاقة فكرياً واجتماعياً.
إن خلق الظروف الإجتماعية غير الآمنة والقاهرة،
المتمثلة بالخوف، والرعب، والحرمان، وفقدان الأمن الاجتماعي والتشريد، أدت
بالنتيجة الى إدامة الفوضى الخلاقة في أغلب مجتمعات الشرق الأوسط، تجاوزت في كثير
من الأحيان عقوداً من الزمن، أدت الى صناعة أجيالاً متعاقبة لا تعترف بماهية
الدولة، ولا تعرف ما هي مقوماتها ومكوناتها، وتجهل النظام العام والالتزام
بالقانون الذي يقوم الأخلاق العامة للفرد والجماعة، لإنها ببساطة لن تتربى على
ثقافة إحترام القوانين والإلتزام بها، ولا تعير أهمية للمحافظة على المال العام
والممتلكات العامة وتعدها مباحةً، إذ إنها تفتقر في ذات الوقت الى ثقافة التحضر،
وباتت تؤمن بثقافة القبيلة والعشيرة والجماعات المسلحة بإعتبارها واقع حال إجتماعي
ومصدر قوة للفرد والجماعة بعد غياب سلطة الدولة التي تمت مصادرتها واستباحتها وتدمير
مؤسساتها الأمنية والقضائية والإدارية.
كما إن ترعرع الأجيال المتعاقبة في ظروف صعبة منذ
نعومة أظافرها في عالم أقل ما نطلق عليه تسمية "عالم الغاب"، الذي ينتهك
فيه القانون، ويأكل فيه القوي الضعيف، وتستباح فيه الحُرمات، وتتسيد فيه لغة
السلاح على كل اللغات دون رادع، وينشط فيه التناحر السياسي والعرقي والقومي
والطائفي لمصالح شخصية وفئوية، الى جانب تفشي الفساد، الذي عمق من جراحات الفوضى
في جسد الكثير من دول الشرق الأوسط، كل ذلك أدى في نهاية المطاف الى صناعة أجيال
الفوضى في الشرق الأوسط، التي يعول عليها قيادة الدول حين تبدأ الإزاحة الجيلية
المرجوة.
وبناء على ما تقدم، فإن على دول الشرق الأوسط العربي
والإسلامي أن تهتم ببناء الأجيال بناءً صحيحاً، لأن هؤلاء هم الذين سيحددون مستقبل
الأمة وصورتها الحضارية، سواء كانت صالحة أم طالحة، جميلة أم مشوهة، ومدى تحضرها
وتقدمها العلمي والثقافي الذي تطمح اليه الشعوب والحكومات الحية في العالم.
لقراءة المزيد من مقالات الكاتب اضغط على الرابط الآتي: مجلة معارج الفكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق